السعوديون مع شاعر المليون حتماً خاسرون!

الجمعة 11ربيع الأول 1428هـ - 30 مارس 2007م - العدد 14158

سعود عبدالرحمن المقحم
لن أتطرق لشاعر المليون وما يثيره من نعرات قبلية ودعوات للجاهلية من الوجهة الدينية الصرفة، فقد كتب عنها الكثير، بل سأكتب اليوم عن شاعر المليون وتأثيره على وحدة الوطن، والمكسب والخسارة من وجهة نظر عقلية ومنطقية، عسى أن أضيف بهذا ما بدأه الآخرون.
قال الشاعر: "تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً - وإذا افترقن تكسرت آحادى"، هذا البيت الجميل بكل ما يحمله من حكمة صور تصويراً بليغا ما آلت إليه النتيجة في مسابقة شاعر المليون، ولو ذهب جزء يسير جداً من هذه الأصوات السعودية المتفرقة لمتسابق سعودي واحد لجير هذا الفوز للوطن كافة بدلاً من أن نخسره جميعاً!، حيث تشتت أصوات السعوديين بين القبائل في أرجاء المعمورة ناهيك عن تهميش أصوات وطنية لم يوجه لها خطاب باسم الوطن للتفاعل معه كما يجب أن يكون التفاعل، نعم لقد خسر المصوتون السعوديون حين لم يتعاملوا مع المسابقة من منطلق وطن يجمع ولايفرق، بل حتى الشعراء السعوديون أنفسهم أصبحوا حائرين ضائعين مترددين هامين على وجوههم بين والوطن والقبيلة فخسروا مع مصوتيهم.

هذا المثال الحي لما آلت إليه نتيجة المسابقة يدل دلالة أكيدة على أننا نسير بالاتجاه المفرق والمشتت، بل ان ما يحزن ويدعو للرثاء هو أن المصوتين السعوديين هم اكبر الداعمين مادياً للمسابقة وأكثر الخاسرين حاضراً ومستقبلاً، وذلك لأن القائمين على مسابقة شاعر المليون على يقين وعلم تام بأن وضع المسابقة على شكل تصويت ستار أكاديمي المبني على تصويت أبناء الوطن الواحد لن يخدم مشروعهم الشعري لكون السعودية من اكبر بلدان الخليج، والدخول بمثل تلك النسخة فاشل ومحسوم النتيجة مسبقاً، فكان التصويت للقبيلة بنظرهم هو الحل الأمثل!، ولهذا وذاك اعتقد جازماً أن المصوتين السعوديين حتماً وعلى الدوام خاسرون مع شاعر المليون.

لجنة تحكيم مسابقة شاعر المليون تنوه مراراً وتكراراً على وجوب عدم التركيز على قبيلة الشاعر وبنفس الوقت وفي إعلانات المسابقة يتم وضع اسم القبيلة تحت اسم كل شاعر بكل عناية!، بل ان بعض الشعراء لايوجد أصلاً اسم للقبيلة في هوياتهم ولكن ولكون المسابقة تبني على أهداف قبلية صرفة أصبح من الضرورة بمكان ذكر اسم القبيلة بعد الاسم المتعارف عليه!، ماذا تعني هذه الأقوال المخالفة للأفعال؟!، هل هو المسموح الممنوع المنطلق من مقولة "التجارة شطارة والذي تكسبه العبه"؟!، المؤكد أنهم اعلم من غيرهم بأنه لن تقوم قائمة للمسابقة إن لم يلامس اسم القبيلة ذلك الوتر الحساس والقنبلة القبلية الموقوته والبغيضة.

إذن، الخسارة المتكررة مؤكدة لوجود تلك العوامل المذكورة آنفاً، والحالة كهذه، ألا يفترض أن نصحح المسار حتى لايأتي اليوم الذي قد نخسر فيه أيضاً وحدة وطننا وليس فقط المال والوقت؟، وذلك حين نهيئ دون قصد الأرض الخصبة لينفث ويبذر فيها السموم في وقت نحن بأمس الحاجة فيه للتماسك والتعاضد، ألم تعلمنا الدنيا أن إثارة العصبية والنعرات القبلية والمناطقية والطائفية هي أفضل ما يقدم لدق اسفين يتم من خلاله تفكيك وطن ما ؟!، ألم نستوعب بعد من دروس الحاضر وما يحدث بالعراق من قتل على الهوية؟، وأيضا دروس الغابر وكيف انه لم يستقر لنا حال في هذا الوطن الحبيب إلا بعد أن توحدنا وتعارفنا وتحاببنا شعوباً وقبائل تحت راية واحدة وملك واحد، أليس هذا التوحيد مدعاة لتقوية وتماسك هذه اللحمة الوطنية، بدلاً من إثارة النعرات الجاهلية البغيضة فنهيئ من حيث لانعلم لأعدائنا ما يسهل عليهم القضاء علينا؟!.

أم ننتظر لعل الأخوة مسؤولي المسابقة أدركوا الآن خطورة هذا المنزلق لا سيما وهي المسابقة الأولى حيث يعذرون، وسيعملون مستقبلاً على تدارك مثل هذه الأخطاء الجسيمة التي يدفع ثمنها السعوديون فقط؟!، فيرتقوا بالمسابقات الشعرية القادمة ويبعدوا كل البعد عن اللعب على وتر القبيلة البغيض ويبحثون عن طرق وأساليب تجارية راقية يخدم فيها الشعر ليخدمنا، فيكون ذلك سبباً لرقينا وتآلف قلوب أبناء الوطن الواحد الموصل لترابط دول الخليج كافة، بدلاً من أن يكون سبباً مباشراً للشحناء والبغضاء وزرع بذور الفتنة والتفرق، وما يصح إلا الصحيح..

http://www.alriyadh.com/2007/03/30/article237286.html